مناهج مصر

العودة   مناهج مصر > أخبار التعليم > قسم الحوار العام بين الأعضاء

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-12-2010, 12:45 AM   #1
عين الحياة
مشرف مناهج مصر
 
الصورة الرمزية عين الحياة
 
تاريخ التسجيل: 18 / 12 / 2010
المشاركات: 13
افتراضي أنت أنت الله

إذا ما اتجه الفكر في السموات حيث انتشرت النجوم في الليل ، وإذا ما كلَّ البصر فيما لا نهاية له

من الآفاق المظلمة ، وإذا ما خشعت النفس خشعتها من رهبة السكون ، فإنك تشرف بوجهك الكريم من خلال هذه الآفاق ، ونسمع صوتك في ذلك السكون ، وتمس بعظمتك النفس الخاشعة المطمئنة ، حينئذ تبدو الآفاق المظلمة كأنها باسمة مشرقة ، ويتحول السكون إلى نبرات مطربة تنبعث من كل صوب ، وحينئذ تتغنى النفس الخاشعة لتقول: "أنت أنت الله".



وإذا كان المتأمل على شاطئ البحر الخضم ، وأرسل الطرف بعيداً بعيداً ، حيث تختلط زرقة السماء بزرقة الماء ، وحيث تنحدر شمس الأصيل رويداً رويداً كأنها الإبريز المسحور ، لتغيب في هذا المتسع الملح الأجاج ، وحيث تتهادى الفُلْكُ ذات الشرع الأبيض في حدود الأفق الملون بألوان الشفق ، كأنها طائر يسبح في النعيم – إذا ذاك يشعر المتأمل بعظمة واسعة دون عظمة البحر الواسع ، وإذا ذاك تقرّ العين باطمئنان الفلك الجاري على أديم الماء الممهد ، وفي رعاية الله الصمد ، حيث تكون مظهر العظمة ، وحيث تطمئن النفس لرؤية ما تطمئن إليه في منظر جميل ، إذ ذاك يدق الفؤاد بدقات صداها في النفس : "أنت أنت الله".



وإذا ما انطلقت السفينة بعيداً بعيداً في البحر اللُّجِّي ، وهبت الزوابع ، وتسابقت الرياح ، وتلبد بالسحب الفضاء ، واكفهرَّ وجه السماء ، وأبرق البرق ، وأرعد الرعد ، وكانت ظلمات بعضها فوق بعض، ولعبت بالسفينة الأمواج ، وأجهد البحَّار جهده ، وأفرغ الربَّان حليته ، وأشرفت السفينة على الغرق ، وتربص الموت من كل صوب وحدب – إذ ذاك يشق ضياؤك هذه الظلمات والمسالك ، وتحيط رأفتك بهذه الأخطار والمهالك ، وتصل بحبال نجدتك المكروبين البائسين ، وإذ ذاك يردد القلب واللسان: "أنت أنت الله".



وإذا ما اشتد السقم بمن أحاطت به عناية الأطباء ، وسهر الأوفياء ، ونام بين آمال المخلصين ودعوات المحبين ، ثم ضعفت حيلة الطبيب ، ولم ينفع وفاء الحبيب ، واستحال الرجاء إلى بلاء – إذا ذاك تتجلى مستوياً على عرش عظمتك ، والنواصي خاشعة ، والنفوس جازعة ، والأيدي راجفة ، والقلوب واجفة لتقول: "أنا قضيت" ، ويقول الطبيب والقريب والحبيب: "لك الأمر.. أنت أنت الله".



وإذا ما باين الدنيا الإنسان وباينته ، إذ ينظر إلى المال فيلقاه فانياً ، وإلى الجاه فيلقاه ذاوياً ، وإلى الأماني فيلقاها زائلة ، وإلى الآمال فيجدها باطلة ، وإلى الشهوات فيلقاها خادعة كاذبة ، وإلى المسرات فيجدها آفلة غاربة – إذ ذاك يستغنى عن الجاه والمال ، وتشل في نفسه حركة الآمال. وبين جاه يدول ، وأمل يزول ، لا يملأ فراغ النفس إلا ذكرك: "أنت أنت الله".



وإذا ما وقعت العين على زهرة تتفتق في الأكمام ، أو تلاقت العين بعين يملؤها الحسن والابتسام ، وإذا أعجب المعجبون بجمال الفجر المتنفس ، وتغريد الطير المتربص ، وعاود الصدر انشراحه ، وملأ القلب ارتياحه – إذا ذاك يشرق في قلوبنا نورك الجميل فنراك ونقول: "أنت أنت الله".



فيما يمس النفس من مظاهر العظمة ، ومظاهر الوسعة ، ومظاهر الرحمة ، ومظاهر القدرة والقضاء ، ومظاهر الدوام والبقاء ، ومظاهر الجمال والجلال ، اعتاد الناس أن يصفوك بالعظيم ، والواسع الرحيم ، والقادر والدائم والجميل والجليل ، وأوتار القلوب تردد: "أنت أنت الله .. أنت أنت الله .. أنت أنت الله".
عين الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By manahg.net
الحفوق محفوظة لموقع مناهج مصر

Security byi.s.s.w