تبرز المغازلة وفكرة الزواج والحب الحقيقي بعيدة جداً إنما الذي يشغل فكر الفتاة حينئذ ويرميها في حيرة هو كيفية لفت نظر الفتيان وبأي وسيلة تستطيع أن تنال مرامها ،أما الذي يحبب لديها هذه المغالطة في الحب فهو تهافهت الفتيان على طريقها ،فنراها سائرة وعيناها في الأرض في حين قلبها يخفق عجباً وخيلاء ،وبترصد الفرص لتفرض سطوتها عليهم فتعميهم بدلالها ،وهكذا يحومون حولها ويأتمرون بأمرها ويتخاطفونها ويتبارون في دعوتها ، الحلوى والمشروبات المتنوعة ويترقبون كل مناسبة ليدفقوا عليها الهدايا وينفقوا في سبيلها أموال جيوبهم وقلوبهم أيضاً .
أما هي فتكون حينئذ معتزة بنفسها ، راضية عن كل ما تأتيه وناسية أن العب بالحب هكذا،وأن في مرحلة بريئة ، دليل واضح على أنانية دنيئة وأخلاق لا تخلو من شائبة ،فضلاً عن أنها بميوعتها وقلة اكثراتها من التخريب في نفوس الفتيان وتهيج فيهم غرائزهم وتشعل نار التجربة والشهوة ،بدل أن تدعوهم بسلوكهم إلي الطهارة والعفة والسمو في الحب وبذل الذات النبيل ، ومن تلك المرحلة الأولي التمهيدية ،تزلق الرجل لا محالة تدريجياً إلي مرحلة أخرى .